chapter 1
الجزء الأول: أسيل
استيقظت أسيل كعادتها باكرا لتلتحق بعملها الجزئي لتنتهي منه باكرا و تتفرغ للبحث عن وظيفة بدوام كامل , بعد أن سلمت على والدتها و والدها غادرت البيت رفقة أختها دنيا التي بدورها ستلتحق بالثانوية و أخيها عماد الذي سيلتحق بالجامعة , فما كان لهم إلا أن ينفصلوا في نهاية الشارع ليذهب كل منهم في طريقه.
و في الطريق كانت أسيل في حالة غياب تام عن العالم و ما حولها حيث كان اللاوعي من عقلها هو المسؤول عن إيصالها إلى منزل السيدة داليدا التي تعمل لديها محاسبة, لأن السيدة تمتلك إرثا كبيرا من أحد أقاربها تديره و تسيره بنفسها. طبعا إن كنت تسأل أين جانب الوعي من عقلها فسأقول لك أنه أيضا مع السيدة داليدا و الحياة الغامضة و الغريبة التي تحيط بها.
عندما التحقت أسيل أول مرة بعملها هذا بعد تخرجها بشهرين لم تصدق أنه تم قبولها ببساطة عن طريق الإيمايل , حيث لم تكن مقابلة التوظيف هذه عادية أبدا , فهي كانت عائدة من إحدى المتاجر لتتفاجأ بوجود لافتة مكتوب عليها:
“مطلوب محاسب بدوام جزئي و حر, لمن يهمه الأمر يراسلنا على هذا الإيمايل”, و بسرعة البرق فتحت هاتفها دون أن تفكر و أرسلت إلى الإيمايل:
- هل بحثكم عن المحاسب مازال جاري؟
- فحصل الرد بعد دقائق: نعم هل أنت محاسب ؟
فتجيب نعم و سأرسل لكم كل وثائقي, لكنها تفاجأت برد يقول لها أحضرهم إلى هذا العنوان غدا و منها تباشر العمل معنا.
وقتها اتصلت سريعا بصديقها وائل لتبشره بما حصل معها و كيف حصلت على وظيفة بسهولة تامة , وائل لم يكن مجرد صديق بل كان صديق الطفولة و كان رفيق دربها منذ مرحلة الابتدائية إلى غاية يومهم هذا بعد أن تخرجوا من الجامعة و بدؤوا حياتهم المهنية, وائل كان خريج حقوق حيث بدأ يتعلم عند أحد المحامين إلى أن يكون بمقدوره أن ينشأ مكتبه الخاص.
- ألم تشعري أن الأمر مشبوه ؟ قال وائل
- لا أبدا ! لما قد يكون ؟ ردت أسيل متعجبة
- أأنت غبية أم تدعين الغباء ؟ ثم إن العمل في منزل أحدهم يجعله مشبوه أكثر من ما يجب فلا يوجد أحمق يرمي أمواله و حساباته في يد محاسب بالكاد يعرف عنه شيئا. رد عليها وائل ثائرا
- فردت عليه ببرود تام : إذا ماذا أفعل أتريد أن ارمي رزقي و قد أتاني زاحفا ؟
- رد وائل بنفس الطريقة: أذهب معك بكل بساطة نتحرى ظروف العمل و المكان و ثم قرري
- فردت متسائلة: و عملك ؟
- ما به عملي؟ أستأذن بعض الوقت ليست مشكلة. هنا لم تجد إلا أن تكون ممتنة له و لكرمه معها و تحمله الدائم لها.
و في اليوم التالي ذهبا معنا إلى العنوان المطلوب و كان منزل كبير نوعا ما, مرفق بحديقة صغيرة أسوارها عالية تجعلك تتساءل كيف تصلها الشمس, و كان على جانب الباب الخارجي جرسا جميل الشكل يشبه وجه قطة و لسانها هو زر الجرس, و بمجرد ما قامت أسيل بالضغط عليه مرتين حتى فتح الباب الكبير في وجهها و كانت هذه أول مفاجأة حيرتها في أمر هذا البيت و أصحابه, حيث أقبل عليها شاب طويل وسيم شديد البياض حتى الشحوب شعره أشقر لدرجة البياض و عيناه فضيتان تغلفهما شفرات و حاجب بنفس اللون, يلبس ملابس شبه رسمية بيضاء و رمادية تنقصها المعطف الرسمي و تلف رقبته ربطة عنق فضية اللون, كان يبدوا كتمثال شمع خرج لتوه من الفرن و مازال يلمع, لكن لم يكن هذا وحده المفاجأة بل تسمره في مكانه و تحديقه فيها لفترة طويلة إلى أن تنحنح وائل فاستفاق الشاب من شروده و اخبرهم انه خادم البيت, فأخبرته أسيل أنها المحاسبة التي وافق عليها صاحب البيت, فسمح لها بالدخول و قادها إلى غرفة المعيشة و حيث ستنتظر مجيء صاحب البيت.
كانت أسيل شابة متوسطة الطول في 21 من عمرها بيضاء ذات شعر أسود سواد الليل حريري, و عينان شديدتا السواد لدرجة أنك تشعر أنهما ثقبين أسودين سيبتلعنك قريبا, مع ملامح حادة على وجهها جعلت الجميع يخاف التقرب منها حيث يرتسم على وجهها أغلب الوقت الجدية و الغرور, على الرغم من أنها بعيدة كل البعد عن هذا الجانب, أما وائل فكان شاب أسمر مع ملامح عادية متوسط الحجم و الطول بالنسبة لشاب في عمره حيث كان له نفس سن أسيل.
بعد لحظات من الانتظار أقبلت شابة جميلة للغاية في بداية الثلاثينات من عمرها, بملامح لا تمد شيئا للملامح العربية كانت تبدوا على الأغلب أوربية بيضاء بشعر كستنائي و عيون عسلية, لكن الغريب كان لباسها الذي كان يشبه ديكور البيت حيث كان يبدوا و كأنه من حقبة فات عليها الزمن على الرغم من انه يمتزج بطابع حديث نوعا ما , حقبة فيكتوريا.
تقدمت السيدة داليدا و جلست على أقرب أريكة منهما و عرفت بنفسها أنها صاحبة البيت و العمل و أنها تعيش وحدها مع خادمها و تريد من يساعدها في عملها, و عندما عرفت أن أسيل هي المحاسبة أعربت عن سعادتها بها و قررت مباشرة العمل معها سريعا لتحسم أمر أموالها و تبدأ في استثمارها جيدا, و هنا اعتذر وائل و استأذن ليلتحق بعمله أيضا و رحل.
سألت أسيل بفضول السيدة داليدا عن قدرتها على الحديث بالعربية بطلاقة على الرغم من ملامحها الأوربية, عندها أخبرتها السيدة داليدا أنها روسية الأصل و قد انتقلت هنا للجزائر العاصمة للتنوع الاقتصادي و لفتح أبواب الاستثمار, و كانت بحجتها هذه جعلتها لا تصدق ما تقوله لها و تعجبت لكلامها الذي لا يستقبله عاقل, لكنها بررت تحررها في النطق بالعربية و لهجتها الجيدة بأنها متحررة في أغلب اللغات و تجيد الكثير منهم , و على الرغم من كلامها هذا إلا أنها تبقى شديدة الغموض بالنسبة لها خصوصا أنها طيلة الوقت تعيش هي و خادمها لوحدهما في منزل كبير أغلب غرفه مغلقة, و لم تكن هنا المشكلة بل المشكلة هي الغرفة الداخلية المتصلة بالمكتب التي كلما مرت بجانبها أحست ببرودة مفاجأة تأتي منها.
غير هذا كان السبب الثاني الذي جعل أسيل تستغرب أمر البيت و أهله هو مرايا البيت, كانت كلها مغلفة بقماش أسود لا يظهر منها شيء, و يوجد في كل ركن من بيت دواليب غريبة الشكل فارغة و لكن أبوابها قابلة للفتح و الغلق مرفقة بمفاتيح ذهبية و عليها رسومات غريبة تبدوا كطلاسم أو كأحرف قديمة جدا, نفس الكتابات الموجودة على أغلب الكتب التي تقرأها السيدة ,و أيضا في الحمام دائما ما تجد ملح أسود اللون له رائحة لاذعة و عجيبة, و لكن الأعجب وجوده في الحمام و رشه عند الدخول و الخروج, و كان هناك أيضا على كل طاولة رمل أحمر اكتشفت لاحقا انه ملح أحمر غير هذا كان أغلب ديكور البيت يحتوي على طلاسم و كتابات غريبة تبدو كالعبرية و الهندية و الروسية لكن لا علاقة لأي لغة بها , كما أن السيدة كانت تضع قلادة عجيبة دائرية الشكل في وسطها صليب ينتهي بقلوب و من كل جانب تخرج وريقات تحيطها من وسط دائرة أخرى و كانت لا تنزعها أبدا, كما أنه أغلب الوقت كانت السيدة إذا جلست إلى مكتبها كتبت بريش اخضر أو بنفسجي على أوراقها, و إن أرادت أن توقع على ورق خارجي استخدمت سيالة أو قلم, غير هذا كان البيت بالنسبة لأسيل أعجوبة تربط بين كل القرون تشعر فيه بغرابة شديدة و ضيق كبير لا يغادرها إلى أن تغادره.
=========================
توقفت أسيل أمام منزل السيدة داليدا و خرجت من شرودها سريعا و همت في دق الباب لولا انه فتح قبل أن تفلح في ذلك, لترى ذلك الخادم يقف أمامها و السيدة داليدا خلفه و فاجأها بأنهم مغادرين إلى موعد شخصيا اليوم و أنهم سيعودون بعد 6 ساعات, و إن ما عليها إلا أن تكمل حساباتها و تغادر البيت كيفما تشاء لاحقا, فوافقت على طلبهم فقد كانت تخطط مسبقا للتقديم لعروض عمل في أماكن أخرى لعلها تحصل على عمل ثابت بدوام كامل.
بعد أن غادرت السيدة داليدا و خادمها الشاب دانيال دخلت أسيل إلى غرفة المكتب بعد أن مرت بتلك الغرفة الباردة المغلقة و باشرت في عملها, مر أكثر من ساعتان و أسيل لا تزال منهمكة في عملها إلى أن سمعت صوت طقطقة قادم من الغرفة المغلقة لكنها تجاهلته ظنا منها أن السيدة قد تكون نسيت أحد النوافذ مفتوحة , لكنها سرعان ما سمعت صرير باب قادم منها, فوقفت من مكانها فزعة متجهة نحو الغرفة و تفاجأت بها مفتوحة فأصابها الفضول الذي قتل صاحبه و قررت دفع الباب أكثر و الدخول للمشاهدة فقط و لا ضرر في ذلك , و بمجرد ما اقتربت و دفعت الباب و همت بالدخول شعرت ببرودة أصابتها بقشعريرة لكنها لم تستسلم و أكملت , لكنها سرعان ما صدمت مما رأته, لقد كانت خاوية تماما كل ما فيها جدران صامدة و لكن سقفها كان مرايا بالكامل.
=========================
في هذه الأثناء كانت السيدة داليدا و خادمها قد وصلا إلى فندق فخم و رافقهم أحد موضفي الاستقبال إلى أحد أفخم الأجنحة ليقابلا مستضيفهما, و ما هي إلا لحظات حتى وقفا بجانب الباب الذي فتحه النادل و أدخلهما ليتجه بهما إلى الشرفة أين يجلس أو بالأحرى تجلس المستضيفة’ فلقد كانت شابة بيضاء جسمها مفعم بالحمرة و كأنها خرجت من حمام سونا لتوها, يلفها ثوب أسود قصير إلى الركبة بدون أكمام, و يغطي وجهها نظارة كبيرة سوداء و على رأسها قبعة سوداء طويلة تغطي رأسها و ما بقي من وجهها.
تقدم النادل تجاهها و سألها :
- هل تريدين شيئا أخر سيدتي ؟
- فردت بصرامة: لاشي غادر فحسب.
فهمّ النادل مغادرا بخطّى سريعة, و بمجرد خروجه حتى همت هذه السيدة تزيل نظارتها و قبعتها كاشفتا عن وجهها الجميل و الساحر الغير قابل للوصف , فتخيل معي شعر أحمر طويل إلى منتصف الظهر يتموج وحده و كأنه لهب خافت, و عينان حمراوتان تكاد تقسم أنهما مائعتان كبركان ثائر, و باقي وجهها يمتاز بملامح تجعلك تشعر أنها لوحة فنية .
- ايفا ما هذه المفاجأة الجميلة ؟ ما الذي أتى بكي إلى هنا ؟ سألت داليدا بجفاء
- فردت ايفا بضجر: جئت لأغير الجو قليلا, و الأهم من هذا لأرى صديقتي القديمة التي على ما يبدوا نسيتني بالكامل, لكن ما أتى بي هنا حقا هو ما أتى بكي هنا, قالتها بمكر.
- و ما الذي أتى بكي هنا يا ايفا ؟ لا أظن لكي شأن معي منذ سنين يكفي ما فقدته بسببكم.
- ردت ايفا غاضبة : لقد حصل كل شيء فجأة و ما أدراني بما كانوا يخططون ثم الأمر ليس بيدي لأغيره, لكن ما تريدين أنت فعله هو ضرب من الجنون تريدين قتلنا جميعا معك بسبب رغباتك الأنانية.
- ردت داليدا بعصبية : أنانية ؟؟؟ ههههه لابد من أن السنين أنستكي ما فعلناه, لأني بصراحة لا أظن أن هناك ما هو أكثر أنانية و شرا منه.
- هنا اشتعلت ايفا بغيظ : سأشي بكي, سأخبرهم ما تخططين لن ادعكي تدمريني معك بجنونك هذا.
================================
شعرت أسيل بالضجر فلقد ظنت أنها قد ترى أمرا مثيرا لكنها كانت خاوية على عرشها و بمجرد ما همت في غلق الباب حتى سمعت صوت ارتطام , كأن شيئا ما سقط من الأعلى ففتحت الباب مرة أخرى فوجدت كتابا أسودا عليه كتابات حمراء على الأرض في منتصف الغرفة, فاستغربت مرددة :
- من أين أتى هذا الكتاب؟ أنا متأكدة أنه لم يكن موجود هنا منذ قليل !!!
فتقدمت نحوه لتحمله و لكنها همت لرفع رأسها فوجدت انعكاس لمكتبة كاملة في سطح الغرفة, كان ما رأته أغرب من الخيال حيث استوعبت سريعا غير مصدقة أن هذا الكتاب سقط من المكتبة المقلوبة فوقها, و يا ليتها توقفت هنا, فوسط كل هذا الذهول تقدمت و حملت الكتاب ببساطة و فضول و قبل أن تهم بفتحه أحست بشيء غريب , أحست بشخص يحدق بها, لكن من أين ؟ من الأعلى !, و ما لبثت أن رفعت رأسها حتى اتسعت عيناها ذهولا و رعبا مما رأته, فقد كان شيء من الصعب وصفه كان… كان ببساطة انعكاس لصورتها, لكن ليست هي على الرغم من الشبة الكبير بينهما بل أنها شعرت انه انعكاسها, حيث ظهر فيه وجهها شاحب جدا و شعرها أبيض بالكامل و لباسها… من قال لباسها؟ هل كان لها جسد أصلا ليكون له لباسا !!, و لكن الأكثر رعبا هي عيناها كانت بيضاء بالكامل, بيضاء بياضا خاويا لكن تحدق بها بقوة و تبتسم ابتسامة شرسة تغطي أكثر من نصف وجهها لتبدوا بوجه مفترس وحشي, فسار في جسد أسيل قشعريرة باردة جعلها تبتل في لحظات من هول ما رأت.
في هذه اللحظات في مكان ليس ببعيد أصابت قشعريرة قوية باردة كلا من ايفا و داليدا, لتشعرهما بتقدم مصيبة أو بالأحرى بأن الأوان قد حان.
- فهتفت ايفا مرتبكة : أجننتي؟؟! ما الذي فعلته؟ كيف سمحت بحدوث هذا؟؟ لن أسكت أبدا… لن أسكت أبدا, أنتي تنوين تحريرها مجددا… بالكاد استطعنا إغلاقه المرة الماضية .
و همت تركض بجنون تبحث بين مقتنياتها حتى أخرجت قلادة تشبه قلادة داليدا لكن مع اختلاف في الرموز و هتفت بقوة بكلمات غير مفهومة و للحظات التفتت بجانب الشرفة لتجد داليدا و خادمها اختفوا !!!.
لكنها لم تكن تهتم باختفائهما لعلمها أنهم عادوا سريعا ليدارون الموقف قبل أن يتفاقم و يخرج عن السيطرة مثل أخر مرة , بل أسرعت إلى رمي ريش أحمر صغير وسط الغرفة أخرجته من صرة صغيرة تخفيها داخل لباسها, ليلتهب مجتمعا يخرج من خلاله كتاب أسود يبدوا متفحم للوهلة الأولى, لكن بمجرد فتحه حتى اختفت من مكانها و انتقلت إلى بعد أخر اجتمع فيه خمسة أشخاص أخرين غيرها لتكون كلمة لقائهم , لقد ظهرت من جديد !!!.
===================
لم تتحمل أسيل ما رأته , فألقت الكتاب من يدها خرجت تركض خارج الغرفة ثم البيت ثم إلى الشارع , تاركة جميع أغراضها خلفها , تركض بهستيرية وسط الشارع ترتطم بهذا و ذاك و تقع أرضا لتقف و تكمل من جديد إلى أن شعرت بيد تجذبها من الخلف و تمسك بكتفها و تجعلها تلتف 180 درجة , و لم تكن هذه اليد إلا يد وائل الذي صدم من تعبير وجهها الفزع و عيناها المليئة بالدموع .
- ما الذي حصل معكي؟ ماذا هناك؟ هل أذاكي احد؟ هل تعرض لكي احد؟ هل حصل شيء لأهلك ؟ هتف وائل متسائلا بسرعة
لكن أسيل كانت تسترجع أنفاسها بصعوبة فقام الأخير بهزها بقوة لعلها تستفيق هاتفا بها
- ماذا حصل معي؟ تكلمي لما تركضين كالمجنونة في الشارع
عندها التفت وائل من حوله لينتبه أن الناس وقفت عن مشاغلها لتنشغل بهم, فجذبها من ذراعها و ابتعد بها عن مرأى الجميع إلى مكان هادئ بعيد عن منتصف الطريق, ليبتعد عن أعين الناس و لتلتقط أسيل أنفاسها.
بعد لحظات و عندما بدأت تهدأ سألها مرة أخرى بهدوء و حنان
- هل حصل شيء ما معكي ؟ اخبريني لا ترعبيني هكذا
- فالتفت أسيل إليه لتقول : لقد رأيت جنية في منزل السيدة داليدا …
- فنظر إليها باستنكار: جنية ؟ هل تسخرين مني هل نحن في نيسان ؟ ما الذي تتكلمين عنه
- فالتفتت إليه مرة أخرى قائلة: أنا جائعة لنذهب لنأكل.
- فنظر إليها باستغراب لكنه لم يرفض طلبها الذي تطلبه كلما رأته و لو صدفة
داخل احد المطاعم السريعة قالت أسيل:
- أريد بيتزا بحجم كبير ملكية مع قارورة مشروب غازي صغيرة
- هل أنتي طبيعية يا فتاة .. منذ قليل كان و كأن الدماء هربت من وجهك و الآن تردين الأكل و كأنك في قمة….
- فقاطعته قائلة: أطلبها بلا بخل, مرة واحدة أتمنى تحضر لي شيء دون أن تفتح درس حوله
- فصرخ فيها منددا: لربما ا كون انجبتكي و نسيت أو انكي مسجلة في دفتري العائلي
- فردت ببرود لا لكنها ضريبة العشرة و الرجال قاومون على النساء
- تبا لكي سأطلب و أعود… و الآن اخبريني ماذا حصل معكي بالضبط ؟
- مثلما قلت لك رأيت جنية في منزل السيدة داليدا
- مممم هل رأيتها وحدك أم رأتها السيدة أيضا معكي ثم كيف عرفتي أنها جنية و ليست …
- قاطعته سريعا لا متأكدة و لم يرها احد غيري لأنه ببساطة لم يكن احد في البيت غيري السيدة داليدا خرجت مع خادمها إلى موعد, و أنا بقيت وحدي اعمل في المكتب, و في الغرفة الباردة الملتصقة بالمكتب التي حكيت لك عنها من قبل رأيت مكتبة معكوسة على سطح الغرفة, علما أنها كانت فارغة. و من تلك المكتبة سقط كتاب اسود و عندما حملته رأيت تلك الجنية فوقي في مكاني أنا و كانت بلا جسم؟ !!
نظر وائل إلى كلامها مستغربا و قال : احلفي انه ليس مقلب لأكل البيتزا.
فنظرت له بصرامة فتنحنح كأنه لم يقل شيئا و قال: احم احم… حسنا يبدوا انكي تعانين حقا من مشكلة, دعيني أسألك متى أخر مرة رأيتي فيها فلم رعب؟
- ردت أسيل: قل متى لم أرى؟ أنا أشاهدهم كل ليلة.
- فرد عليها مبتسما حلت المشكلة كثرة التعب و قلت النوم زائد أفلام رعب تعني هلواسات, أنت تهلوسين لا يوجد شيء مثل هذا إلا في عقلك يا غبية.
- فردت قائلة بحنق أتظن أني مجنونة و لا افرق بين هلوسة و حقيقة
- لا يا مجنونة اغلب الناس لا تفرق بين هلوسة و حقيقة ثم ما حصل ليس طبيعي أنصحك بزيارة شيخ ليقرأ عليك و إن كنت بخير و تكرر الأمر دعينا نزور الطبيب النفسي
- أتعرف الخطأ ليس خطأك بل خطئي أنا الغبية من أخبرك بهذا. سكتت لحظات ثم أكملت ثم ماذا تفعل في منتصف الشارع و كيف وجدتني؟
- صدفة لقد كنت اجمع بعض الوثائق احتاجهم في المكتب و رأيتك تركضين كالمجنونة فلحقت بكي حتى لا تحدثي مصيبة بنفسك.
- مممم حسنا
- عاد وائل بظهره إلى الخلف و جمع يديه عند صدره و قال : ماذا هناك, تكلمي أخرجي ما عندك
- لا لا شيء فقط لقد أتت البيتزا…
في هذه اللحظة تقدم النادل و وضع الطبق و المشروب الغازي و ما إن ابتعد حتى رمت يدها لتأخذ القطعة لكنها تفاجأت بالصحن يجذب جهة وائل
- لن تأكلي حتى تقولي ماذا في جعبتك ثم هذا الطبق ليس لكي وحدك نصف لكي و نصف لي و لا نقاش في ذلك.
- رفعت أسيل أحد حاجبيها و قالت: أنت كنت ذاهب عند رحمة صحيح؟ لأنك بالعادة لا تغادر مكتبك إلا إلى المحكمة و المحكمة ليست من هنا
- ابتسم وائل و ضحك بخفوت و قال: ماذا تعرفين عن عملي؟ ثم لا لم أكن ذاهب إليها لكن ذكرتني بها
- رمت اسيل يدها و اختطفت قطعة و قالت: ما جديدكما ؟
- فقال لا جديد, أمور عملي تتحسن و أحاول جاهدا حتى اجعلها أفضل و إن استمر الحال في التحسن هكذا سأخطبها السنة المقبلة
- نظرت له باستغراب و الغيرة تتملكها و قالت الم تقل إنها قاصر ذات 16 عاما كيف ستتزوجها ؟
- ابتسم و قال بحنان ساخر: و من قال سنتزوج قلت سأخطبها فقط لأجعل الأمور واضحة و توقفي عن رمي الزيتون إلى جانبي أنا لا أكله
- ممممم لقد كبرت و صرت رجلا و تفكر في الزواج يا وائل أتتذكر كيف كنت أدافع عنك عندما كنا صغار
هنا انفجر وائل بالضحك و زال التوتر بينهما سريعا